وكالة الانباء للإنتاج الإعلامى وكالة الانباء للإنتاج الإعلامى
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

عادل عامر يكتب للأنباء : التقارب التركي السوداني



 
بقلم الدكتور: عادل عامر
خبير في جرائم أمن المعلومات‏ لدى ‏مركز جنيف للتحكيم الدولى‏‏‏ و‏‏مستشار تحكيم دولى‏ لدى ‏الهيئة المصرية الدولية للتحكيم‏
 هذه المقالة تعبر عن رأى الكاتب وعلى مسئوليته دون تدخل من الموقع...

أن الدولة المصرية لديها إمكانيات كبيرة، لان التقارب السوداني- التركي قائم على فكرة "المصلحة". لان هناك دول انزعجت من التقارب المصري مع الدول الأفريقية.
أن السودان تريد أن تناكف مصر بسبب حلايب وشلاتين رغم أنها أرض مصرية ومثبتة قانونا. 
جاءت زيارة أوردغان للسودان إرساء لبزوغ عودة التواجد التركي في البحر الأحمر من البوابة السودانية، فما يهم أنقرة الأن هو تعزيز تواجدها في البحر الأحمر(السودان) والمحيط الهندي وخليج عدن (الصومال)، فالخرطوم بعد أن خُذلت من العرب لن تتوانى في إقامة تحالفات استراتيجية حقيقية مع قوى إقليمية ترى فيها الخرطوم فرصة لاستعادة دورها القديم كلاعب إقليمي محوري وهذا حق أصيل للسودان، خاصة أن تلك القوى الإقليمية باتت تُشكل رقماً صعباً في السياسة الدولية، ولكن كيف سيُفهم التقارب التركي السوداني الصومالي في الخليج العربي وبالأخص في أروقة وزارات الخارجية الخليجية كلاً على حدة، خاصة أن كل وزارة خارجية خليجية لها رؤيتها السياسية الخاصة والتي لا تتوافق مع الأخرى بلا شك. 
وإذا نظرنا الي موقع تركيا الجغرافي والإقليمي نجد أنه لا يسمح بأن يكون لتركيا أي تدخل في العلاقة بين مصر والسودان، فالعلاقات المصرية السودانية لم تكن في أي يوم من الأيام سوية بل كانت علاقة تجميلية مظهرية فقط. 
-
السودان يتعامل مع تركيا وقطر من واقع التوافق السياسي الاستراتيجي بينهم المتمثل في دعم المليشيات المسلحة في ليبيا بالسلاح والمال فالدول الثلاث تستفيد من وجود المليشيات في ليبيا حفاظا على قدرتها في استخدام المليشيات لزعزعة أمن الدول غير الحليفة، وهو ما يتعارض مع الرؤية المصرية العربية الداعية للاستقرار في ليبيا، فضلا عن أن السودان يستفيد ماليا من هذا الوضع.
-
التحالف السوداني القطري يعكس رغبة هذه الدول في نقل تواجد العناصر الإخوانية والإرهابية والتنظيمات والمليشيات الأخرى إلى السودان لتكون محطة -ترانزيت- لنقلهم بعد ذلك للداخل الليبي ومصر عبر الحدود الليبية مع السودان في محاولة لاسترجاع دور المليشيات على الأرض في ليبيا، وقد تشهد ليبيا تطورات على الأرض الفترة المقبلة.
هل لزيارة الرئيس التركي للسودان رسالة سياسية تجاه مصر؟ فالزيارة تأتي في ظل ظرف تاريخي عصيب تمر به العلاقة بين مصر والسودان من جهة ومصر وتركيا من جهة اخري. وقبل فترة قام الرئيس المصري السيسي بزيارة الي قبرص واليونان وشكل معهم تحالف سياسي، وهذا التقارب أزعج كثيرا السلطات التركية، وذلك على خلفية الخلاف التركي اليوناني على جزيرة قبرص. 
.
والمعروف عن السيد اردوغان أنه رجل براّغماتي للحد البعيد ولا يدخل السياسة مع الاقتصاد فمثلا الرجل الان يخوض معركة سياسية كبيره جدا ضد إسرائيل في المحافل الدولية ورغم ذلك علاقته التجارية والاقتصادية كبيرة جداً مع إسرائيل وتوجد سفارة لإسرائيل في أنقرة وكذلك سفارة تركية في تلابيب، 
وكذلك إذا نظرنا لعلاقة تركيا بألمانيا من الناحية السياسية نجدها متوترة جداً، وأما من الناحية الاقتصادية نجدها على أحسن ما يرام بل التعامل التجاري بين البلدين يعتبر الأكبر لتركيا على قرار الدول الاوربية الأخرى.
والمعروف أن العلاقة بين مصر وقطر مقطوعة، ولذلك تري مصر في أي زيارة لأي من هذه الدول للسودان بمثابة مؤامرة، فاذا نظرنا الي زيارة الرئيس التركي للسودان نجدها اقتصادية في الدرجة الاولي وذلك لان الرجل سيزور بعد السودان دولتان افريقيتان هما تشاد وتونس.
فهل يا تري سيتناول الإعلام المصري هذه الزيارة لتشاد وتونس بنفس زيارة السودان؟ ويأتي اختيار الرئيس التركي للسودان أولاً،
لان السودان يعتبر المدخل الي افريقيا فالسودان يجمع بين الدورين العربي والأفريقي ويرتبط ارتباطا مباشرا بعدد من الدول الأفريقية مثل تشاد وافريقيا الوسطي ودوله جنوب السودان واثيوبيا، والسبب الاخر لهذه الزيارة الافريقية، أن تركيا تريد ان تحذو حذو الدول التي سبقتها الي القارة الافريقية مثل الصين وروسيا.
والسودان في الفترة الاخيرة في سياساته الخارجية أصبح يبعد عن لعبة المحاور، أن يقطع علاقته مع دولة من أجل دولة أخري كما حدث ذلك مع إيران لصالح السعودية، فالسياسة الخارجية السودانية تضع المصالح السودانية أولا.
فالسودان أنفتح في الآونة الأخيرة على روسيا وكان ذلك بالزيارة التي قام بها الرئيس البشير الي روسيا وتكللت ببعض الاتفاقات الهامة، منها انشاء محطة بالطاقة النووية واحتمالية قيام قاعدة عسكرية روسية في البحر الأحمر.
فهذه الدول الكبرى مثل تركيا وغيرها لا تتعامل الا بلغة المصالح ولذلك نجد أن تركيا نهضت في خلال الاثني عشر عاما وأصبحت من الدول العشرين من حيث الاقتصاد، ولذلك يجب على السودان أن يستفيد من التجربة التركية في كل المجالات لا سيما أن السودان غني جداً بالموارد ويعتبر أرض بكر، ويجب الا يلتفت السودان الي الوراء والمضي قدما في طريق التنمية والاعمار. 
إذن يكمن التحدّي أو المعضلة الآن بالخطوة الأولى وماهيتها، وكيفية تجاوز الأزمة النفسية السياسية الاقتصادية والإعلامية، بين الجانبين حيث تطالب روسيا بالاعتذار التعويض ومحاسبة المسؤولين عن إسقاط الطائرة السوخوي في نوفمبر الماضي، بينما ترد تركيا بأن الطائرة الروسية اخترقت الأجواء التركية فعلاً، وأنها ردت حسب قواعد الاشتباك المعمول بها دولياً، علماً أنها قامت فعلاً بمحاسبة الشخص المسؤول عن مقتل الطيار الروسي الذي هبط اضطرارياً في الأراضي التركية. 
حسب المعلومات ثمة اتصالات غير معلنة تجري الآن قد تتطور إلى لقاءات روسية تركية مباشرة من أجل الخروج من مأزق ونفق الخطوة الأولى، ومن ثم اتخاذ الخطوات اللازمة لتطبيع العلاقات، باعتبارها حاجة مصلحة حيوية مشتركة للطرفين.
لعدة أسباب سياسية اقتصادية واستراتيجية تريد أنقرة تحسين العلاقات مع موسكو، وإعادتها لمستواها الطبيعي، عندما كانت الخطوط السياسية مفتوحة على أعلى المستويات، وكان حجم التبادل التجاري السنوي أكثر من ثلاثين مليار دولار، ثلثيها تقريباً لصالح موسكو من عوائد بيع الغاز الطبيعي لأنقرة.
بشكل عام تشعر أنقرة أن حلف الناتو خذلها وتركها وحيدة في مواجهة روسيا في حادثة إسقاط الطائرة، وبدا لسان الحال الغربي الأمريكي تحديداً أن أنقرة أخطأت بإسقاط الطائرة، وما كان يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد، ثم طالب الحلف بعد ذلك بحلّ المشكلة ودياً، وتحسين العلاقة، وعدم توتيرها مع روسيا في القضية السورية تحديداً. 
وعموماً تعتقد تركيا أن واشنطن ستمضي قدماً في سياسة الانكفاء عن المنطقة، أو حلّ مشكلاتها أي كان الرئيس الأمريكي القادم، حتى لو تم ذلك بوتيرة منخفضة أو أقل بروداً ولا مبالاة، مما فعله ويفعله الرئيس أوباما، 
وهي ترى أن حالة الفراغ الأمريكي أدّت إلى عودة روسيا كلاعب إقليمي ودولي مهم، ولا مصلحة لها في القطيعة بل في أفضل العلاقات معها.
تريد روسيا من جهتها ولأسباب سياسية اقتصادية واستراتيجية. أيضاً تحسين العلاقات مع تركيا.
حيث تشعر القيادة الروسية أنها تورطت أو على الأقل لا تريد التورط، أكثر، وتسعى من أجل تسوية في سورية مع حفظ مصالحها قدر الإمكان.
 وتريد الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع دول الجوار، وتركيا تحديداً لأنها أيضاً لاعب مهم في سورية، ولكي تخلق أيضاً حالة توازن في مواجهة إيران التي تتوتر أو تسوء العلاقات معها نتيجة لتناقض متزايد ومستمر في النظرة الى واقع ومستقبل النظام.
إلى ذلك تعرف موسكو أن حلف الناتو بصدد تشديد الضغوط عليها ومحاصرتها، ومنعها من التمدد غرباً، خاصة بعد قراره بنشر قوات في جمهوريات البلطيق بالتزامن مع تشغيل مشروع الدرع الصاروخي شرق أوروبا في رومانيا وبولندا. 
وتبدو على يقين من استمرار الحصار والعقوبات الاقتصادية ضدها في الملف الأوكراني، وهي أي روسيا تعرف أن تركيا تتمتع بموقع جيوسياسي مهم، وتتمنع أو لا تريد الانخراط الجدّي في السياسة الغربية ضدها، وتأخذ مسافة واضحة منها تحديداً فيما يخص العقوبات الاقتصادية.

عن الكاتب

وكالة الأنباء للإنتاج الإعلامي

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا الاخبارى نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

وكالة الانباء للإنتاج الإعلامى