وكالة الانباء للإنتاج الإعلامى وكالة الانباء للإنتاج الإعلامى
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

قرات لك .. قيمة القلم ( كل مايتعلق بالقلم وانواعه وصناعته .. لفيكتور سحاب )





( فكتور سحاب )

 لأنه به بدأ التدوين، فكل ما قبله هو ما قبل التاريخ، وكل ما بعد ابتكاره هو ما نسميه التاريخ. فالقلم هو لسان البشرية، الراوية الخالد، والأداة الأساس في حفظ كل المعارف الإنسانية ونقلها.
وهو المتحدث، الباقية روايته بعد انقضاء العصور والآجال، لا يفنيها بليها تعاقب ُمر الأيام والسنين، ولا يُبليها تعاقب القرون.
كيف بدأ القلم، وكيف تطو كانت منزلته على مر الزمان، وما مصيره اليوم، بعدما اجتاحت الآلة مهنة الكتابة، مطالبة بالمكانة الأولى، بدلاً منه. 
في هذا الملف، يروي الدكتورفكتور سحاب بعضا من قصة القلم، التي ً لا تستطيع اختصارها المجلدات.











ما بين القلم والإنسان علاقة حميمة، تبدأ باكراً عندما يكون القلم من أغلى ممتلكات الطفل وأكثرها حضوراً في حياته اليومية ما بين البيت والمدرسة. 
وعندما يكبر الإنسان يبقى القلم في أقرب جيوب الملابس إلى القلب.
ولكن، ثمة من يرى أن هذه الأداة الصغيرة الرفيعة التي لا يزيد طولها عن الشبر، وذات الفضل في صياغة معارفنا وما نحن عليه، باتت اليوم مهددة بفعل التطور التكنولوجي الذي بدأ يقترح بدائل لها.
وسواء أكانت المخاوف على مصير القلم في محلها أم لا، فإنه يستحق وقفة أمام تاريخه وحاضره، ولو من باب التكريم والاعتراف بما له من فضل علينا.

بدايته:

مسمار من أقدم ما لدينا من الكتابة بأنواع الأقلام الأولى التي استحدثها البشر، الكتابة المسمارية على ألواح الطين في وادي الرافدين، والكتابة بالبوص على ورق البرديّ في مصر الفرعونية.


كان القلم في الكتابة المسمارية، مسماراً من الحديد أو عوداً من الخشب أو بوصة، حسبما كانت طبيعة اللوح الذي يكتبون عليه. فاللوح المعدني أو الحجري، يُكتَب عليه بقلم معدني، هو نوع من المسمار، وإن كانت التسمية بالكتابة المسمارية مأخوذة من شكل الكتابة، لا من القلم- المسمار.
أما على الشمع والطين، فكانوا يكتبون بقلم من الخشب أو القصب.
كان المسمار عبارة عن قضيب معدني يُشطَف طرفه ويُقلَّم. كذلك الخشب والقصب.


هذا النوع من الكتابة عمره خمسة آلاف سنة، وظلت الكتابة المسمارية منتشرة حتى آخر القرن الميلادي الأول.
وقد ظهرت أولاً عند السومريين، ثم اعتمدها البابليون والأشوريون.


وتطّورت الكتابة بهذا القلم من التصوير، إلى كتابة الرموز الكتابية، لكن النقش بالقلم المسمار ظل معتمداً.
واستُخدمت الكتابة المسمارية فيما بعد في كتابة اللغات الأكاديّة والحثّيّة والفارسيّة القديمة.
وكُتبت بها سِيَر الملوك والأمراء، وأهم أحداث الحياة العامة (مثل قصة الطوفان العظيم)، وكذلك المعاملات التجارية والحسابات المالية والأحوال الشخصية والآداب والعلوم والأساطير والمعتقدات.
ومن أشهر النصوص المكتوبة بالقلم المسماري
 ملحمة جلجامش، وشريعة حمورابي الملك البابلي (1728 – 1686 قبل الميلاد)، وهي تضم القانون المدني وقانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات. 
وفي العصر نفسه دُوِّن بالمسمارية كثير من علوم ذلك الزمان، فانتشرت في كل المنطقة.
 كان الملك أشوربانيبال (668 – 626 ق م) من أكثر ملوك آشور ثقافة وعلماً، فجمع الكتب من أنحاء البلاد، وخزَّنها في مكتبة عامة في نينوى، ووضع فيها كل ما استطاع من ألواح طينية كُتبت عليها بالقلم المسماري العلوم والمعارف والحضارة العراقية القديمة.
 وفي المتحف البريطاني الآن نحو 130 ألف لوح طيني من الكتابة المسمارية، تعود إلى حضارة ما بين النهرين.

 درر الاقلام

في العالم أناس لا يأبهون بتاتاً بما إذا كانت الإلكترونيات ستقضي على القلم أم لا.
 فالقلم في نظرهم يمكن أن يكون تحفة أو دُرَّة بحد ذاته.
فيجمعون الأقلام النادرة تماماً كما يجمع آخرون اللوحات الفنية أو الساعات أو التحف الأثرية.


في العام 2010م، بيع بالمزاد العلني في شنغهاي في الصين قلم حبر سائل من تصميم محترف تيبالدي في فلورنسا، إيطاليا، بمبلغ ثمانية ملايين دولار.
وفي تفسير هذا الثمن الخرافي لقلم مصنوع حديثاً، أشار الخبراء إلى أنه مرصَّع بـ 945 ماسة سوداء و123 ياقوتة.

ولأن ثمن هذه الأحجار الكريمة الصغيرة لا يتجاوز آلاف الدولارات، قال الخبراء إن الميزة الأولى لهذا القلم هو أنه الأول والوحيد الذي صُمم وفقاً للنسبة الجمالية المعروفة منذ عهد الإغريق بالحرف «في» (V).

أي إن طول القلم مع سدادته يبلغ بالنسبة إلى طول السدادة مقدار «في» (V) تماماً، وهو 1.618.أما أغلى قلم حبر جاف، فهو واحد من إصدار محدود صنعته شركة «مون بلان»، ويبلغ ثمنه 730 ألف دولار. 

أقلام فاخرة لهواة هذا النوع


ولم تقصِّر أقلام الرصاص نسبياً عن غيرها.
فقد صنعت شركة فابير-كاستيل أقلام رصاص خشبية بممحاة لا تختلف كثيراً عن غيرها، إلا بإضافة غطاء لرأس القلم من الذهب عيار 18 قيراطاً ومرصع بثلاث ماسات صغيرة.
والثمن 12,800 دولار للقلم الواحد.
ومن أشهر الأقلام الغالية على قلوب الهواة، تلك التي تعود إلى النصف الأول من القرن العشرين، ومن صناعات الماركات الشهيرة عالمياً مثل باركر، وترمان، شيفر، كروس، إضافة إلى إصدارات دور الجواهر غير المتخصصة.
أما الأقلام التاريخية التي استخدمها مشاهير الكتَّاب والأدباء مثلاً، والتي يمكنها أن تحطم كل الأرقام القياسية، فهي غائبة بشكل شبه تام عن دور المزادات العلنية.
ويفسِّر الخبراء هذا الغياب بالقول إن معظم المشاهير وورثتهم لم يكترثوا بالأقلام اكتراثهم بالمخطوطات.
والقليل الذي وصلنا منها محفوظ في المتاحف، إضافة إلى صعوبة تأكيد أن هذا القلم كان فعلاً لفلان أو فلان.


القصب الفرعوني ..
 في مصر، كانت الحضارة في الوقت نفسه تبني صروح العلم والمعرفة الفرعونية الشاهقة.
لكن أسلوب الكتابة كان مختلفاً، والقلم أيضاً.
فقد كتبوا على البرديّ بنوع من الحبر، بواسطة البوص، كانوا «يقلّمونه» لهذا الغرض، أو بواسطة ريش الطير.
 وكانت الكتابة أشبه بالوظيفة المقدَّسة لديهم، وكان الكتَّاب يحظون عند الفرعون وأعيان البلاد بمكانة تكاد تضعهم في طبقة نبيلة على أعلى المستويات في الإدارة والدولة.


ويقول التاريخ إن كثيراً من الحكماء المصريين القدماء، مثل بتاح حتب، وآني وسيب حتب، وإيبور رفعوا مكانة الكاتب المصري وقلمه، إلى مرتبة قريبة من القداسة.
ومن أقوالهم الباقية لنا في هذا الصدد: 
– لينطق قلمك بالحق ولا يحفظ إلا الصدق، ولا تدع يداً تحرّكه غير ضميرك.
– إن من يُخرِس صوت القلم، يَخرَس صوته إلى الأبد.
– صوت القلم هو أعلى الأصوات، لأنه صوت الحق.
– قلم الكاتب طائر يحلِّق في الآفاق العالية، فيرى ما لا يراه الغير ويصدح بما يراه، وينقله إلى مَنْ في الأرض.
– إن من يُغرق صوت القلم بقوة ساعده، سرعان ما يَغرق هو، ويطفو صوت القلم على السطح.

 ولا بد من الإشارة إلى أن المصريين لم يكتفوا بالكتابة بالقصب؛ لأنهم نقشوا بالمعدن أيضاً، بأقلام من النحاس والحديد، على حجارة بقيت لنا من زمنهم، ومن هذه الكتابات المنحوتة الباقية حجر رشيد، الذي فُكّت بوساطته رموز الكتابة الهيروغليفية، وكذلك الكتابات في المعابد، مثل معبد الكرنك الشهير.
 اليونان والرومان وما بعد ورث اليونان والرومان عن المصريين، الكتابة على ورق البرديّ، لكنهم استعملوا كذلك الجلد، ونقشوا على الخزف وعلى المرمر.
وكانت أداة الكتابة معدنية، حتى على البرديّ. 
وكانوا يكتبون عليه برفق، على نحو مقروء.

 وكان قضيب المعدن المدبّب والمقلَّم الذي يكتب به الرومان يسمونه: ستيلوس (stylus)، ومنه أخذ الفرنسيون تسميتهم لقلم الحبر الحديث: ستيلو (stylo).
 الإسلام وازدهار الكتابة وأدواتها ثم بزغ فجر الإسلام. 
وكان بزوغه بشيراً ببدء عصور زاهية
في الكتابة والعلوم، إذ إن من الأقوال التأسيسيّة في الحضارة الإسلامية،
قوله تعالى في سورة العلق، وهي من قصار السور: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)} (الآيات من 1 إلى 4). وقد ورد ذكر القلم في القرآن الكريم في أربع آيات من أربع سور.

وكان انتشار الإسلام وتأسيس دولته وامتدادها، على كثير من أرجاء العالم القديم، وما صاحب هذا كله من مراحل تحوّل حضارية، كالتعريب والترجمة ومعرفة العرب صناعة الورق، وظهور سلالات من المؤرخين وكتّاب السِير والمغازي والشعراء واللغويين والعلماء وازدهار الكتب وصناعتها، وظهور أجيال من الخطّاطين المبدعين، الذين كانوا كمطابع منتجة للنتاج الثقافي والحضاري، كان هذا كله حافزاً عظيماً على تقدّم صناعة الكتابة وأقلامها عند العرب.
فقد اعتنى المسلمون بأدوات الكتابة من أقلام وورق، أيمَّا اعتناء، وأتقنوا صناعتهما، وتفننوا خصوصاً في صنع الأقلام.
وكانت الكتابة من أرقى الصناعات في العصور الأموية والعباسية والفاطمية والأيوبية والأندلسية وحتى المملوكية.
وكان لزاماً أن تكتسب صناعة الأقلام سمعة طيبة، لارتباطها المباشر بالكتابة، ولأن القلم هو أداة العلم الأولى.
وقد أُطلق على القلم عديدٌ من الأسماء، فهو المِزبَر، الذي يُزبَر به، أي يُكتَب به.
وهو اليراع، أي القصب إذا بُري ليُكتَب به.
 لكن أشد الأسماء شيوعاً، هي: القلم، وقد تعددت الآراء في معناه.
ففي «اللسان»: القلم الذي يُكتَب به، والجمع أقلام وقِلام… وجمع أقلام أقاليم.
قال ابن برّي: صحيفةٌ كُتِبت سراً إلى رجلٍ لم يدرِ ما خُطَّ فيها بالأقاليمِ والمقلمة: وعاء الأقلام. لكن «اللسان» يضيف: والقلم الزَّلَم. والقلم السهم الذي يُجال بين القوم في القمار، وجمعها أقلام.
وفي التنزيل العزيز: {ومَا كُنتَ لديهِم إِذ يُلقونَ أقلامَهُم أيُّهُم يَكفُلُ مَريَم} (آل عمران: الآية 44).
قيل معناه سهامهم، وقيل أقلامهم التي كانوا يكتبون بها التوراة… 
وإنما قيل للسهم القلم، لأنه يُقلَم، أي يُبرى…
من ذلك القلم الذي يُكتَب به لأنه قُلمَ مرة بعد مرة، ومن هذا قيل: قلَمتُ أظافري، وقلمتُ الشيءَ بريتُه.

 أنواع أقلام
المسلمين تنوّعت الأقلام عند الكتّاب المسلمين، حتى قيل إنها انتهت إلى اثني عشر نوعاً.
 ومنها: القلم الجليل، أول ما ظهر في أواخر العصر الأموي، وأوائل الدولة العباسية.
وكان يُستخدم في الكتابة في المحاريب وعلى أبواب المساجد وجدران القصور ونحو ذلك.
والكتابة بهذا القلم تسمَّى: القلم الجلي؛ لأنه أكبر الخطوط وأوضحها.
ومنها الطومار، وكان مخصصاً لتوقيع الخلفاء على المكاتبات ومراسلة السلاطين وكبار الدول، ومنها قلم مختصر الطومار، وثلثا الطومار، وكان لكتابة اعتماد الوزراء على المراسيم، وكتابة السجلات المحفوظة.
وكان قلم الثلثين لكتابة الخلفاء إلى العمال والولاة والأمراء.    
ومن الأقلام
 القلم المدوّر الصغير، وهو لكتابة الدفاتر ونقل الحديث والشعر، وقلم العهود، وهو لكتابة العهود والبيعات، وقلم غبار الحلبة، وهو لكتابة بطائق الحمام الزاجل.
كذلك كان من الأقلام، التي صنعها المسلمون واستعملوها في مختلف أوجه الاستعمال، قلم توقيع الإجازة، وسُمّي بذلك، لأن الخلفاء والوزراء يوقعون به، وقلم الرقاع وهو من الأقلام القديمة التي استُعملت في ديوان الإنشاء، وقلم الثُلُث، وهو ثلث الطومار، واستُعمل لكتابة عناوين الكتب، وأوائل نسخ القرآن الكريم، وأقسام الكتب واللافتات التي يُكتب عليها اسم صاحب الحانوت، وقلم النسخ، وسمّي بذلك، لأن الكتاب كانوا ينسخون به مؤلفاتهم، وقلم الرقعة، والقلم الفارسي وكتب به خط التعليق.
وقد جعل الخطَّاطون من كل قلم، الثقيل والخفيف والأوسط، فالقلم الثقيل هو ما كان أميل إلى الشبع، والخفيف هو الأقرب إلى الدقّة، أما الأوسط فهو الذي يتوسطهما.
 صناعة المسلمين القلم ملصقات خط فن عربي للفنان رضا عابديني استخدم المسلمون لُبّ جريد النخل الأخضر في صناعة الأقلام، وكانوا أيضاً يستخدمون في ذلك القصب، الذي كانت صناعته سائدة لمزاياه الواضحة.
فالأقلام المصنوعة من قصب تُبرِز قواعد الخطوط العربية المتنوعة إبرازاً جلياً.
وهي سهلة الاستعمال وطوع يد الخطّاط، يقطعها كما يشاء، ويقلِّمها بسهولة، وفقاً لثخانة الخط الذي يريد أن يكتب به، ونوع هذا الخط. 
والقصب متين جداً في الكتابة.
ولذا، فهو يتيح كتابة سليمة للخطوط الرفيعة جداً.
 وكان من خبرة الخطاطين، أن يعرفوا أنواع القصب ومزاياه المختلفة.

  وكان الكاتب المتقِن، يبحث عن الأقصاب الجيدة، ليصنع منها أقلامه، ولو اضطر إلى استجلابها من بلاد بعيدة.
وقد أرسل أحد الخطاطين، وهو مقيم في خراسان، إلى صاحبه في بغداد، ليرسل إليه بأنواع جيدة من القصب لندرة الجيد في موطنه. 
وقد صنّف الكاتب القلم المفضّل، وفقاً لحجمه ومقاسه، فهو ما توسطت حالته في الطول والقصر والغلظ والدقة، وقال في شرحه مطلبه: «فإن الدقيق الضئيل تجتمع عليه الأنامل، فيبقى مائلاً إلى ما بين الثلث، والغليظ المفرط لا تحمله الأنامل».
بل يذكر ابن مقلة الشيرازي، الخطاط الإيراني، وكان من أشهر خطاطي العصر العبّاسي، أن «خير الأقلام ما كان طوله من 16 إصبعاً إلى 12، وامتلاؤه ما بين غلظ السبّابة والخنصر».
وفي موضع آخر، قيل إن أحسن قدود القلم، ألاَّ يتجاوز به الشبر بأكثر من جلفته. 
والجلفة في القلم، هي ما بين مَبراه وسنّه.

 ومن الأمور التي كان على الخطاط أن يتقنها، براية القلم. 
فالقلم لا يُسمّى كذلك، حتى يُبرى، وإلا فهو قصبة.
وكان تعلّم البراية من أهم ما على التلميذ أن يتعلّمه ليصير خطاطاً.
فلا بد لِسِنِّ القلم من أن يكون مستقيماً لا تعرّج ولا التواء ولا شقوق فيه، وإلا احتوت الكتابة على بياض في غير محله.
وكان لا بد من أن يكون السن مائلاً ميلاً يساعد في الكتابة الأصولية في الخطوط الكوفي والثُّلُث والديواني والفارسي والنَّسخي والرقعي، وغيرها.
وكان ينبغي أن يكون عرض السِن في القلم مناسباً لحجم الكتابة، وإلا كانت الكتابة هزيلة أو أغلظ مما يجب.
وكانت السكين أداة بري الأقلام، وكانت تلازم الخطاط؛ لأنه كان يحتاج من وقت لآخر إلى بري القلم وإعادة تقليمه بعد تلف من جراء كثرة الكتابة.
 أوروبا تحمل القلم في أوروبا، بعد عصر الرومان، والاستفادة من العلوم العربية والإسلامية المتطوّرة، لا سيما من خلال التماس مع الحضارة الأندلسية، أخذت الكتابة تنتشر في القرون الوسطى، فسمّى الإنجليز القلم: «pencil» نقلاً عن الفرنسية القديمة: pincel.
وكانت هذه الكلمة أصلاً منقولة عن اللاتينية: penicillus، التي تعني: الذنَب الصغير؛ لأن القلم كان عوداً في آخره شعيرات من وبر الجمل، هي ريشة للكتابة. ومنه تطوّرت ريشة الرسم التي نعرفها اليوم.
 وكان انتقال تقاليد الكتابة واستخدام القلم في نسخ العلوم والآداب، من عرب الأندلس، إلى الأوروبيين، بداية عصر النهضة في أوروبا.
 اكتشاف الغرافيت في نحو العام 1500م، اكتُشفت كتلة كبيرة من معدن الغرافيت (وهو نوع من أنواع الكربون المتوافر بكثرة في الطبيعة)، بالقرب من غراي نوتس، في كامبريا (إنجلترا)، وارتأى القرويون أن هذا المعدن مفيد جداً في وضع إشارات على قطعانهم، لتفريقها عن قطعان الآخرين.
والغرافيت صلب جداً ونقي من الناحية الكيميائية، ويمكن أن تُصنَع منه أعواد دقيقة.
 كانت علوم الكيمياء في طفولتها، وظن العلماء أن الغرافيت نوع من الرصاص، لذا سمّوه: الرصاص.
ومنه صُنع قلم الرصاص، الذي ظل قروناً ملكاً متوجاً على عرش الكتابة.
ومع أن العلم أثبت فيما بعد أن الغرافيت ليس سوى نوع من الكربون، إلا أن الناس لا يزالون إلى الآن يطلقون بالإنجليزية اسم الرصاص (lead) على العود المعدني الذي يخترق القلم، من طرفيه.
حتى اللغات الألمانية والإيرلندية والعربية احتفظت بالاسم الخطأ: قلم الرصاص.
 صُنع قلم الرصاص ولما كان عود الغرافيت، المصنوع للكتابة قابلاً للكسر، فقد كانوا يلفّونه بخيطان، ثم أخذوا يلفّون حوله جلد نِعاج، من أجل حمايته.
 وأخذت تنتشر في البلدان البعيدة والقريبة أخبار هذا النتاج الجديد: قلم الرصاص، وفوائده وخصائصه الجمّة.
وكان أن أخذ يلفت انتباه الفنّانين في العالم أجمع، حتى أخذوا يستعملونه في رسومهم.
الرسم البياني لدرجات قسوة قلم الرصاص وظلت إنجلترا تتمتع باحتكار صنع قلم الرصاص، حتى أمكن إيجاد طريقة لصنع مسحوق الغرافيت، فانتشرت صناعته بالمسحوق في بلدان أخرى.
وثابرت إنجلترا مع ذلك على صنع قلم الرصاص ذي المقطع المربّع، بغرافيت مقدود من المعدن الطبيعي، حتى ستينيّات القرن الميلادي التاسع عشر.
 ولا يزال في مدينة كسويك، قرب منجم الغرافيت الأول، مصنع ينتج أقلام الرصاص، وبجوار المصنع متحف كمبرلاند للأقلام.
ففي سنة 1560م، صنع سيمونيو ولنديانا برناكوتي ما يمكن أن يكون الجد الأول لقلم الرصاص الحديث، المصنوع من الخشب والغرافيت.
وكان المقطع الأول لهذا القلم مستطيلاً، أو بيضويّاً.
وبعد مدة قصيرة اخترعوا أسلوباً جديداً لصنع القلم، بجمع عودي خشب حول عود الغرافيت ولصقهما بالغراء.
ولا يزال هذا في الإجمال هو أسلوب صنع الأقلام في أيامنا هذه.

 القلم في الحروب

خلال حروب نابليون بونابرت مع الإنجليز، والحصار البريطاني لفرنسا، تعذّر على الفرنسيين أن يستوردوا أعواد الغرافيت النقي، من مناجم غراي نوتس الإنجليزية، المصدر الوحيد في العالم آنذاك.
كذلك تعذّر على الفرنسيين الاستفادة من نوع أقل جودة، من الغرافيت الألماني، لصنع الأقلام.
مما اضطر بونابرت إلى تكليف أحد ضباطه أن يعالج الوضع.
ففي سنة 1795م، اكتشف نيكولا جاك كونت طريقة لمزج مسحوق الغرافيت بالصلصال، لصنع مزيج يمكن تشكيله في أعواد تُطبَخ في أفران، حتى تصلُب.
وكانت نسبة الغرافيت من الصلصال، تتحكّم بصلابة هذه الأعواد.
ولا تزال هذه الوسيلة، التي كان قد سبق إليها النمسوي يوزف هارتموث، في سنة 1790م، مستخدمة حتى الآن.
-وفي أمريكا، ظل المستوطنون الأمريكيون يستوردون الأقلام من أوروبا، حتى بعد الثورة الأمريكية على الحكم البريطاني، على الرغم من نشوب الحرب.
 ويقال إن أول من صنع الأقلام الأمريكية، كان وليام مونرو وهو نجار في مدينة كونكورد، بولاية ماساشوستس، سنة 1812م. أما إبنزر وود فكان أول من صنع أقلاماً ذات مقطع سداسي الأضلاع.

إضافة الممحاة
ظلت صناعة الأقلام، على جانبي المحيط الأطلسي تتطوّر، بتحسين مزيج الغرافيت والصلصال، وباختيار أفضل أنواع الخشب، لكن التطوّر التالي الذي يستحق الذكر، هو إضافة الممحاة، إلى أحد طرفي قلم الرصاص.
ففي 30 مارس 1858م، حصل هايمن ليبمان على أول براءة اختراع، بإضافته ممحاة إلى طرف القلم.
وباع ليبمان براءته إلى جوزف ريكندورفر، بمبلغ 100 ألف دولار أمريكي. وأخذ ريكندورفر يقاضي صانع أقلام آخر، هو فابر – كاستل، لانتهاكه حقوق الاختراع.
لكنه خسر دعواه حين حكمت ضده المحكمة الأمريكية العليا، سنة 1875م. قلم الحبر في سنة 1867م، صدرت في الولايات المتحدة الأمريكية براءة اختراع قلم الحبر، باسم كلاين وهنري دبليو واين، لكل قلم يكتب بحبر مخزّن في خزّان حبر ملحق بالقلم.

إعلان فرنسي للقلم

 لكن أول ما ذُكر في التاريخ عن قلم يحمل خزّاناً للحبر، كان من سنة 953م، في عهد المُعزّ الخليفة الفاطمي في مصر.
وقد قيل فيه إنه قلم لا يلطّخ اليدين أو الثياب، وكان الحبر ينساب من الخزّان إلى ريشة في طرف القلم. ولعل هذا هو الجد الأول لقلم الحبر العصري، لكن لم يُعرَف إلى الآن كيف كان يعمل، أو ممّ كان مصنوعاً.
ولم يأتِ على ذكره سوى نص وحيد.بعد هذا القلم، اخترع الألماني دانيال شفنتر قلماً شبيهاً، وصفه في كتاب له سنة 1636م.
 وكان القلم مصنوعاً من أنبوبتين، واحدة تحتوي على الحبر، تُدخَل في الأنبوبة الثانية، التي تحمل في طرفها ريشة القلم.
وكانت أنبوبة الحبر تغلَق بفلّينة، وكان الحبر «يُعصَر» من الأنبوبة الأولى من خلال ثقب صغير في الأنبوبة الثانية.
وفي سنة 1809م، حصل البريطاني برثولوميو فولش، على براءة اختراع قلم ذي خزّان حبر.
ولم تكن هذه براءة الاختراع الوحيدة التي سبقت براءة واين، ففي سنة 1827م، منحت الحكومة الفرنسية براءة اختراع ورخصة إنتاج، إلى طالب روماني في باريس اسمه بتراتشي بونارو.

وقد تزايد إنتاج هذا النوع من أقلام الحبر في خمسينيّات القرن التاسع عشر، وكان يصنعه جون متشل.
أما براءة اختراع قلم الحبر المسمّى «ballpoint»، أي القلم الذي له كلّة في ريشته، فقد صدرت في 30 أكتوبر 1888م، باسم جون جي لاود.
وفي سنة 1938م، بدأ لازلو بيرو، وهو مجري ناشر صحف، بمعونة أخيه الكيميائي جورج، بتصميم أنواع جديدة من قلم الحبر، تحتوي في ريشتها على كلّة صغيرة من المعدن.
وكان مبدأ القلم هذا، أن تدور الكلّة في طرف الريشة، فتبتل بالحبر، الذي في المخزن وتنقله لدى دورانها إلى الورق.
وطلب بيرو براءة بريطانية في 15 يونيو 1938م لاختراعه هذا.
لكنه اضطر في سنة 1940م، هو وأخوه وصديقهما خوان خورخي ماين، إلى الهجرة إلى الأرجنتين، هرباً من الحكم النازي في ألمانيا.
وفي 10 يونيو من تلك السنة حصل بيرو على براءة ثانية، وأنشأ شركة أقلام بيرو الأرجنتينية.
 وبدأ تسويق أول النماذج التجارية من صنع هذه الشركة، في صيف 1943م.
 على خط آخر، كان سلافوليوب إدوارد بنكالا، المهندس الكرواتي، في مملكة كرواتيا – سلافونيا، التي كانت تابعة للإمبراطورية النمسوية – المجرية، يبتكر سنة 1907م، الحبر الجاف. وقد أنشأ لصناعة أقلام الحبر الجاف، شركة بنكالا – موستر، مع مقاول يدعى إدموند موستر. وكان مصنعه واحداً من أكبر مصانع الأقلام في العالم، في زمانه. 
ولا تزال الشركة تعمل إلى يومنا هذا، تحت اسم «توز – بنكالا»، لحساب شركة أقلام زغرب.

 بيك… الأكثر رواجاً في العالم هل انتهى عصره؟

في سنة 1945م، اشترى رجل فرنسي اسمه مارسيل بيك (Bich)، وكان مديراً للإنتاج لدى أحد صانعي الحبر الفرنسيين، مصنعاً خارج باريس، وبدأ العمل في صناعة أجزاء أقلام الحبر، وأقلام الرصاص، مع شريكه إدوار بوفار.
وفيما كان إنتاجه قِطَعاً للأقلام يتقدم، كانت تتقدم في الوقت نفسه صناعة أقلام الحبر ذات الكلّة في فرنسا وفي الولايات المتحدة. 

فلمعت في ذهن بيك، فكرة النجاح المدهش الذي قد يحرزه إنتاج قلم ذي كلّة يكتب بالحبر الجاف. وبعدما اشترى حقوق براءة من مخترع مجري، أعلن بيك مولد قلمه الجديد للحبر الجاف، في ديسمبر 1950م.
وأعلن أنه قلم عملي بسعر زهيد، وسمّاه «بيك»، اختصاراً من اسمه، وتسهيلاً للفظه. وهكذا ولد قلم «بيك»، أكثر الأقلام مبيعاً في العالم على الإطلاق.
ففي آخر أرقام الشركة، على الرغم من انخفاض المبيع بنسبة ضئيلة السنة الماضية، أنها باعت 22 مليون سلعة من الأقلام ومنتجاتها، في اليوم الواحد.لقد صارت قصة «بيك» أسطورة يصعب أن تتكرر، في أي سلعة من هذه الفئة.
ويذكر بيك، أن مبيعاته فاقت كل ما كان يتصوّره، بل يرجوه.
ولا تزال أقلام «بيك»، في عصر الكمبيوتر، تحتل جيب كل من يكتب في العالم، لسهولة تناولها، ورخص ثمنها، وطابعها العملي المتفوّق.
 أنواع أخرى من الأقلام يصعب حصر أنواع الأقلام التي اخترعها البشر لهذه المهمة الجليلة والمتنوعة: الكتابة أو الرسم.
ومن أكثر هذه الأقلام شيوعاً اليوم، أقلام اللبّاد، وهي أقلام حبر تحتوي على خزّان حبر، لكن ريشتها مصنعة من اللبّاد.
 وتمتاز هذه الأقلام، بطراوة ريشتها، فهي في الوسط، بين الريشة المعدنية القاسية، وريشة الرسم الليّنة.
ولذلك، فإن مهامها قد تراوح بين الكتابة العادية، وبين كتابة الخط الفنية.
وهي لا تحتاج إلى الضغط بها على الورق، بل تنساب عليه بيسر وسهولة.
 ومن أنواع أقلام اللبّاد، أقلام التلوين، التي لا تختلف عن العادية، إلا في أن حبرها الذي تحتويه، يكون بألوان متعددة.

ومن هذه الأقلام
 ما تكون لبّادته عريضة، فيسمّى عندئذٍ: marker، أي واسماً، فبه توسم الكلمات والأسماء المهمة بالألوان. ومن أنواع أقلام الحبر المصنّعة في العقود الأخيرة، أقلام الحبر الفاخرة، أكانت أقلام حبر سائل، أم أقلام حبر جاف. وهي من الهدايا التي كانت تُهدى، في المناسبات. ولا شك في أن توقيع الرؤساء والملوك على المراسيم والمعاهدات الدولية، يكون بأقلام فاخرة.

 قساوة الرصاص
في صناعة أقلام الرصاص اليوم، تدرّج في قساوة الغرافيت، تتحكّم بها نسبة الصلصال، وهي قساوة تتدرّج في عشرين درجة تراوح بين القساوة القصوى، واللين الأقصى، وما بينهما.
ويشار إلى الدرجات القاسية برموز كتابة هي بين 9H، وH. أما الدرجات اللينة، فتراوح بين 9B، وB. ثم هناك درجتان متوسطتان. 
 ويتيح تدرّج القساوة واللين في غرافيت القلم، لمن يشتريه، أن يختار ما يناسبه من هذه الدرجات.
 فالرسوم التقنية والهندسية تستخدم عادة القلم القاسي؛ لأن خطه دقيق وحاد.
ويستخدم مصممو الآلات والمصنوعات، الأقلام ذات القسوة المتوسطة.

أما الرسوم الفنية فهي تحتاج إلى لين في الخط.
والدرجات العشرون توفر خياراً غنياً يلبي رغبة من يستعملون القلم.

 الأقلام: ألوان وأنواع

في مطلع القرن الميلادي العشرين، ظهرت الأقلام الملوّنة، وعودها مصنوع من أصباغ، ممزوجة بالصلصال، والأصماغ.
وقد تعمّم استعمال أقلام التلوين على نطاق واسع في النصف الثاني من القرن العشرين.

ويستخدم المصممون أنواعاً ممتازة من أقلام التلوين في عملهم.

فهي توفّر لهم مجموعة غنية من الألوان. وتتدرّج قساوة عود قلم التلوين، لكن هذه القساوة غير مصنّفة مثل أقلام الغرافيت.

ولما كانت هذه الأقلام الملوّنة مستخدَمة بكثرة في تمارين التلوين التي يمارسها الأطفال في المدارس، فقد ارتبطت في الأذهان، بسن الطفولة والفتوة في المدارس الابتدائية.
 وثمة نوع من الأقلام، هو قلم «الصبغ الأنيلي» (aniline)، المعروف في اللغة العامية بقلم «الكوبيا»، وكان شائعاً قبل انتشار قلم الحبر الجاف. لأن كتابته لا تُمحى، مثلما تُمحى كتابة قلم الغرافيت.
وكانت طريقة الكتابة بهذا القلم، هي بَلُّ طرفه، وغالباً ما كان الأطفال يبلّون طرفه بلسانهم، فيكتب خطوطاً كالحبر لا تُمحى.

 كان قلم الكوبيا هذا شائعاً في المدارس مع التلاميذ، أما الأساتذة فكان يشيع لديهم استخدام قلم آخر مزدوج الألوان، فمن طرف يكون اللون أحمر، ومن الطرف الآخر أزرق.
كان ذلك لأن على الأستاذ أن يضع ملاحظات على دفتر التلميذ، باللون الأزرق، والعلامة النهائية باللون الأحمر، أو العكس.
بذلك كان يميّز بين صنفي الكتابة.
وكان أول من امتلك براءة اختراع لهذا القلم، صانعه الفرنسي كونت.
كذلك ظهرت أقلام، ذات أربعة ألوان: أزرق وأحمر وأصفر وأخضر.
وكان على الملوِّن أن يدير قلمه إلى الوجهة المناسبة، لكي يحصل على اللون المطلوب. وهناك أقلام «الأكواريل»، التي يمكن بلّها بالماء، ويمكن استخدامها كذلك وهي جافة. 
وهي مستخدمة مع رسم «الغواش» و«الأكواريل».
وأما أقلام «الباستل»، فهي مصنوعة من عجينة من صبغ مسحوق، ينتج عنه أقلام مختلفة الألوان.
ومادة الباستل، تُليَّن بإضافة المسك العربي. 
ومن أقلام الرسم المفضّلة لدى بعض الفنانين، قلم الفحم الخشبي.
وقلم الفحم متدرّج في القساوة أيضاً، بين 4H و4B.
وهو يتيح دقة أكبر من الفحم، في الرسم.
ويُصنَع قلم «سانغين» من الطين الأحمر الطبيعي.
وهو أشبه بالباستل، ويُستخدَم على الخصوص في تقنية «الأقلام الثلاثة»، مع قلم الحجر، والطبشور الأبيض.
 ويستخدم النجّارون «قلم النجّار»، وهو قلم رصاص ذو مقطع مستطيل.
ويرسم به النجار على الخشب، قبل قطعه بالمنشار.
وحتى يكون القلم قوياً يحتمل الكتابة على الخشب، فإن عود «الرصاص» في هذا القلم، مستطيل أو بيضويّ المقطع، على شكل خشب القلم نفسه.
أما قلم البنّاء، الذي يتعيّن أن يكون قاسياً جداً ليحتمل الكتابة على الحجر، فتراوح قسوته، بين 4H و9H. ويستخدم الخيّاطون أقلاماً، مصنوعة إجمالاً من الطبشور، وهي في الغالب ليست أقلاماً بل في شكل صابونة مربّعة ودقيقة.

عن الكاتب

وكالة الأنباء للإنتاج الإعلامي

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا الاخبارى نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

وكالة الانباء للإنتاج الإعلامى